العربية

111

الإعلام.. التطرف الذي يلوح في الأفق


الكثير يرون بأن المجتمع السعودي كان ميالا للتسامح بين أفراده في كثير من أموره وبالذات في مسألة التعايش بسلام مع الفئات الأخرى التي تختلف معنا ونختلف معها. رغم ذلك فإن انكشافنا على العالم واتصالنا بالعالم ونتيجة لسيطرة وسائل الإعلام في تكوين الاتجاهات الجديدة وتعديل القيم السائدة ساهم بشكل أو بآخر في تشويه صورة التسامح بين أفراد المجتمع الواحد. واليوم، تشهد الساحة السعودية حرية إعلامية غير مسبوقة ترافقها تجاذبات عديدة غير محمودة. اليوم أرى أن هذه الحرية تستغل بأسلوب ومنطق معوج يغلب عليه حب الظهور في الوسائل الإعلامية وتحقيق مكاسب شخصية على حساب وحدة المجتمع السعودي.
وحدة المجتمع السعودي كفلها "النظام الأساسي للحكم" في المملكة العربية السعودية، والمادة الحادية عشرة تنص على قيام "المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله وتعاونهم على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم". وتنص المادة الثانية عشرة على أن "تعزيز الوحدة الوطنية واجب وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام".
وبناء على فهمي لهاتين القاعدتين فإن ما أراه في الساحة الإعلامية لا يستقيم مع نصوص نظامنا الأساسي للحكم عندما يقوم البعض بالتهجم على فكر الآخر بما يشكل تهديدا ومساسا بوحدة هذا المجتمع سواء من خلال الرد عليه انتقاما منه لكلام قاله أو فكر يعتنقه أو سعيا للانتصار لوجهة نظره دون أن يمسه عقاب.
لقد تعددت وسائل الإعلام في الداخل والخارج واقتحمت شبكة الإنترنت ساحاتنا لتؤجج الصراعات بين أفراد المجتمع الواحد وكثر المشاغبون الذين يلعبون بالنار ويعرضون وحدة هذه البلاد ومستقبل الأجيال القادمة لخطر لا يدركه هؤلاء اللاعبون. وأرى بأن السلطات الرسمية للدولة عليها واجب كبير في التصدي لهذه الظاهرة التي يلوح شررها في الأفق.
إننا اليوم ندفع ثمن عدم قدرتنا على التعامل بالشكل المطلوب مع الحرية الإعلامية لدرجة أن كثيرا من الأصوات والأقلام الصحفية وتحت غطاء حرية الرأي تسهم بقصد أو بدون قصد منها على ما يفرق هذا المجتمع ويخدم أعداء هذه الأمة، وكأن الذكاء خاننا لنرسب في أبجديات مقاصد ديننا الحنيف... دين التسامح... دين الحياة... دين التعايش مع الغير. أعداء هذه الأمة نجحوا في التسلل إلى المنطقة وأكبر مثال ما نراه يوميا في دول الجوار. وقلعتنا السعودية مازالت صامدة رغم كل الضربات التي توجه لها. وأرى أن أقل القليل هو أن يكون المجتمع السعودي وحدة واحدة وألا يكون عونا لأعداء هذه الأمة في تفجيرنا من الداخل. وليسأل كل منا نفسه... كيف يكون شعوره عندما يحس بأنه مقصى ومبعد وأنه لا يستطيع إيصال صوته وأنه مواطن ناقص الأهلية.
وأتفق مع أخي الأستاذ عبدالعزيز محمد قاسم لإقرار وثيقة تعايش ترفع للمقام السامي، ليصدر فيها قرار يلتزمه الجميع لا سيما أن تجارب دول أخرى قد حدت كثيرا من الملاسنات بين أفراد المجتمع الواحد (الوطن 25 يناير 2010) وهنا أؤكد أن سيف القانون يجب أن يسلط على الجميع دون استثناء لأن القضية ليست قضية معتقدات أو فكر بل هي قضية وجود أو عدم وجود هذا الوطن.