
في مقالتي السابقة بعنوان "التعليم بالترفيه" (جريدة الوطن: 2 يوليو 2006) تناولت أهمية إستخدام الفكاهة اللفظية أو عن طريق عرض الصور والرسوم والأشكال العادية والكاريكاتورية في التعليم لأنه يسهم بشكل كبير في المحافظة على إنتباه وتركيز الطالب أثناء المحاضرة ... وقلت بأن عددا من الدراسات أظهرت أن قياس الأداء لدى الطلاب أرتفع وتحسن عندما يقدم المحاضر أحد المفاهيم العلمية ثم يتبعه بمثال أو رسم فكاهي تمهيدا لشرح مستفيض لهذا المفهوم.
وقد وردتني عدة تساؤلات حول هذا الموضوع لعل أبرزها كيفية الحصول على رسوم وصور في مواضيع محددة لغرض إستخدامها لشرح بعض الأفكار... وكان جوابي لهم ... إستخدموا محرك بحث "جوجل" !. سبب جوابي هذا أن تقنيات البحث التي تستخدمها محركات قد غيرت كيفية استخدامنا للمعلومات. ولقد أخترقت محركات البحث حياتنا اليومية وحياة عشرات بل مئات الملايين من البشر ... حيث أن السرعة التي تستجيب بها "جوجل" للملايين من طلبات البحث في كل لحظة ومن كافة أطراف المعمورة تعتبر أعجوبة من الأعاجيب التي نعيشها هذا العصر. وما تقوم به منظومة "جوجل" حاليا هو استخدام برامج تقوم بتفتيت أي طلب بحث يرد إليها إلى مجموعة اصغر من الطلبات يتم مقارنتها بسرعة هائلة بتلك المعلومات التي قامت "جوجل" بتخزينها وترتيبها مسبقا.
محرك بحث " جوجل" يبحث لنا من خلال وضع كلمة أو عبارة في خانة البحث حيث تقوم برامج البحث بفحص مليارات الصفحات الموجودة على شبكة الإنترنت لتحمل إلينا بعد التحليل والغربلة عناوين الصفحات والمواقع التي تحتوي على الكلمة التي طلبت. يقول أحد الخبرا أن "جوجل" أعطت قيمة هائلة لصفحات ومواقع متناثرة في الفضاء الإلكتروني بغير رابط أو قيمة وأوصلت محتواها للباحثين الأمر الذي رفع من القيمة الفكرية لهذه المواقع.
الجميل في موقع "جوجل" أنه، في نفس الوقت، يوفر للباحث صورا ورسومات وخرائط وأفلام لاحصر لها حول المواضيع التي يرغبها الباحثون. مجمل هذه الصور والرسوم والخرائط (عندما نحسن إختيارها) تعتبر في نظري مادة شيقة يمكن إستخدامها في الفصول الدراسية تساعد الأستاذ في شرح فكرته وتساعد الطالب على إستيعاب الفكرة. ويكفي لأي شخص منا أن يكتب كلمة واحدة في خانة بحث الصور (مثل: تخطيط، أو قيادة، أو فقر، أو غنى، أو سلطة، أو طائرة... إلخ) وتنهمر عليك آلاف الصور التي يمكنك أن تختار منها الأفضل لتوضيح الفكرة التي تريدها والتي تضفي على الفصل الدراسي شيئا من المتعة والجاذبية. من المفيد القول هنا بأن كتابة الكلمة المراد البحث عن صور حولها باللغة الإنجليزية يزيد بشكل هائل عدد الصور الواردة إلينا من الشبكة بسبب تقدم الغرب في برمجة الصور بمعاني ومفردات دالة عليها اكثر من الموجودة لدينا في المواقع العربية.
أعتقد أنه حان الوقت للتعليم العالي في بلادنا أن يأخذ نمطا جديدا مدعوما بالتقنيات المتوافرة لدينا بحيث ترسخ فيها التقنية ثم تسخر لخدمة الأستاذ والطالب. إن الشكوى من مستوى خريجي اليوم ماهو إلا نتاج واقع الجامعات التي يغلب عليها الانغلاق الذي يقتل روح الطالب والتلقين الذي يحيل عقله إلى جماد لا يتفاعل ولا يتساءل. إن التقنيات التي تطرحها شبكة والإنترنت كل يوم تفوق كل تصور. اليوم لدينا "جوجل" يساعدنا في طرح حلول كثيرة في مجال التعليم وغدا أسماء أخرى ستلمع ولن يكون لنا مكان بين الأمم إن لم نسهم في تطوير العملية التعليمية بحيث نكون قادرين على إعداد الجيل القادم لزمان غير زماننا. طلاب اليوم هم خريجي الغد وهم الذين سيشكلون بشكل أو بآخر مصيرنا عندما نكبر ونشيخ... فإن لم نعتن ونهتم بهم فيما نحن قادرين على ذلك فلن يدفع الثمن إلا نحن.