العربية

111

معلمو محو الأمية وأزمة بيروقراطيتنا

مرة تلو الأخرى تكشف لنا بيروقراطيتنا الحكومية نقاط ضعفنا. من وجهة نظري المتواضعة أن الأوامر الملكية الكريمة الأخيرة جاءت وفي طياتها رسالة مهمة لكل مواطن.. أن الوطن للجميع وأن الدولة تفعل ما بوسعها لراحة هذا المواطن، لكن وللأسف الشديد لا تتقيد البيروقراطية إلا بالنصوص والكلمات بحذافيرها ولا تتعامل بـ "روح" الأوامر الملكية وهي لا ترمي نفسها في أحضان "روح" الأوامر إلا عندما تأتي هذه الأوامر على مزاجها أو "على طبطابها" كما نقول بالعامية.

تعيين معلمي محو الأمية والتشغيل الذاتي، في الأصل، جاء على حاجة هذه الأجهزة ولم تكن هناك وظائف متوافرة وتم استغلال النظام والالتفاف حوله لتعيين هؤلاء على بنود محددة لسد الاحتياج سواء كان مؤقتا أو دائما. ويبدو أنه بعد صدور الأوامر الملكية تبين لبعض هذه الأجهزة أن هؤلاء قد تم تشغيلهم دون التدقيق اللازم في احتياجاتهم الوظيفية أو مؤهلات المتقدمين وأنه في حالة تثبيتهم سيكونون سببا في إعاقة تحرك هذه الأجهزة الحكومية أو عبئا عليها – وهنا الطامة الكبرى. أقول "طامة كبرى" لأن الأجهزة الحكومية المطالبة بالتوسع في الخدمات ولا تقوم بذلك فهذا يعني أنها أجهزة حكومية تحوي بين ردهاتها إدارات هزيلة ليست لديها القدرة على تنظيم نفسها والتوسع بشكل جيد، وليست لديها قدرة على تحمل التحديات التي تعمل في إطارها ومن ضمنها إطار النظم الحكومية التي لم يتم تحديثها.
في نظري أنه كان يجب العمل على تنفيذ الأوامر الملكية بنصوصها وروحها بشكل سريع، لأنها ما صدرت إلا لبث روح الاطمئنان بين موظفي الدولة، ولأننا لسنا بحاجة إلى موظف واحد فقط يذهب إلى بيته وهو في حالة من الإحباط واليأس من سلوكيات البيروقراطيين لدينا الذين يتسلحون بنصوص النظام عندما لا تأتي على هواهم ويسارعون لتعبئة الفراغات الوظيفية لأشخاص من أقاربهم أو مدينتهم أو قبيلتهم أو حارتهم في أول فرصة سانحة لهم.
ما تفعله البيروقراطية اليوم في أبنائنا إنما يصب في خانة عدم الاستقرار لهذا الوطن وأبنائه ويجب على الوزراء المعنيين بالجهات التي تعاني من مشاكل في تنفيذ "روح" الأوامر الملكية سرعة التنفيذ والضغط على كافة الإدارات التي يشرفون عليها لخلق تنظيمات تتمتع بالإدارة الحديثة التي تستوعب التمدد.
إن تطبيق أصول وأساليب التنظيم الحديث في كافة أجهزتنا الحكومية، ولا سيما قد دخلنا عصر الحكومة الإلكترونية، هو الحل الأمثل والمتوفر لنا اليوم للاستفادة من زيادة القوى العاملة الحكومية، وإبقاء موظفي التشغيل الذاتي ومحو الأمية في حالة القلق النفسي لن يجلب لنا إلا مزيدا من الاحتقان وعدم التفرغ لمشاكلنا وقضايانا الرئيسية.
الأمر الملكي الأخير بتثبيت معلمي ومعلمات محو الأمية رسالة واضحة لكل البيروقراطيين.